لتربية تهدف لبناء جيل النجاح و الفلاح
عند قراءتي لكتاب الدكتور عبد الكريم بكار حول : " رسالتنا التربوية "، استشعرت مفهوم التربية انطلاقا من مبادئه و أسسه و التي تتجلى في مجموع القيم و الأخلاق والمهارات التي يجب على الجيل الجديد التقيد بها ليحافظ على إرثه و ليستفيد من عصره، هذه القيم و المبادئ التي يمررها الآباء للأبناء حفاظا على هويتهم و تاريخهم، و التي تمكن كذلك الأبناء من الاستفادة و الانفتاح على العصر بما يضمن نجاحهم وتفاعلهم مع كل ما هو جديد.
إن التربية على العموم تهدف إلى هدفين أساسيين :
أولهما نجاح دنيوي، و يستلزم مجموعة من القيم و الأخلاق التي على الإنسان الراغب في النجاح تمثلها، مثل حسن معاشرة الناس و الصدق و الكفاح ، بالإضافة إلى مجموعة من المهارات الحياتية و مهارات التفوق و التميز، من بينها مهارات الاتصال الفعال و مهارات التسويق و التفاوض و مهارة اتخاذ القرار بالإضافة لمهارات التفكير الناقد و التفكير الإبداعي.
و يمكن إجمال المؤهلات - حسب تصوري- التي يتطلبها العصر للنجاح و للتميز في:
· تمثل القيم و المبادئ لأن الناس تَتق في الإنسان دو المبادئ الراسخة و لو اختلفوا معه، كما أننا نلاحظ هجمة كبيرة على كل ما هو معنوي و احتفاء بكل ما هو مادي و هذا نتيجة حتمية لتفوق الغرب و بالتالي نشر فلسفتهم المادية على الأمم الأقل تحصنا عن طريق العولمة أو تحرير و سائل الإعلام والتجارة.
· ربط النجاح الدنيوي بالفلاح الأخروي، لكي لا يرتض الإنسان للخلف فور تحقيقه لهدفه الدنيوي، بل لابد من تذكر أن هدفنا الدنيوي مرتبط ارتباطا وثيقا بهدفنا الأخروي.
· تعلم مهارات التفوق و التميز لأن عصرنا لم يعد يهتم بالشيء العادي بل أصبح يبحث عن التميز و الجديد في كل مناحي الحياة، هذه المهارات تحتاج لتعليم متميز ينمي القدرات العقلية مثل التفكير الناقد و التفكير الإبداعي بالإضافة إلى التدرب على مهارات التفوق منذ الصغر مثل مهارات الاتصال الفعال و مهارة الإلقاء و مهارات التسويق و الإقناع و مهارات اتخاذ القرارات.
· تحمل المسؤولية و القدرة على الاستفادة من الأخطاء ، لأن تحمل المسؤولية يدفعنا لإصلاحها و الاستفادة من الدروس التي تحتويها ، لتكون لنا زادا يعيننا على النجاح مستقبلا، كما أن تحمل المسؤولية يقوي لدينا مهارة التعلم الذاتي سواء من الأخطاء أو نجاح و يدفعنا للبحث عن كل ما هو جديد.
· إتقان اللغات يعتبر عاملا مؤثرا في النجاح إذ أن تعلم اللغات يفتح أمامك أفاقا واسعة للعمل و الإنتاج بالإضافة إلى الانفتاح على حضارات و خبرات و تجارب أمم أخرى.
ثانيهما الفلاح و هو مبتغى كل مسلم؛ أن يفوز بالجنة و يتجنب النار، لذلك وجب على كل مربي أن يشدد على الجانب الأخلاقي و القيَمي و يفهم أن من أولوياتنا في التربية بناء المسلم الملتزم؛ لذلك لابد من توفير القدوة الصالحة و البيئة الدافعة لصلاح بالإضافة للإرشاد و التوجيه ، يحكي أحد المهتمين بالتربية أن طفلا عبقريا يحصل على معدل 100% في كل الاختبارات بدئ يدرس القرآن في الجامع؛ فلاحظ الأب أن معدله انخفض إلى 98% ؛ فما كان من الأب إلى أن أخرج التلميذ من الحلقة القرآنية !
إن هذا الرجل يعاني أولا من مشكل في الأولويات لأن حفظ القرآن سيجعل هذا الطفل في بيئة إيمانية و سيحميه من الوقوع في الكثير من المأزق كما سيحميه من أصدقاء السوء؛ لأن أصدقائه من أهل المسجد ، كما أن وجوده بالمسجد يقوي إيمانه و يغرس فيه اليقين و يساعده على أن يستعمل قدراته العقلية في مكانها المناسب لأن العديد من العباقرة و الأذكياء لم يوصلهم ذكائهم إلا للهاوية ، وثانيا لا يمكن اعتبار أن المسجد هو المسئول على انخفاض درجاته بل لابد من البحث عن الأسباب الحقيقية لتجنب إخراجه من هذه البيئة الصالحة.
محبرة الحكيم:
إن دور المربي يتجلى في بناء جيل متوازن قادر على الحفاظ على مكتسباته الثقافية والدينية و بالمقابل قادر على الاستفادة من العصر ومن كل ما يُنتجه العقل البشري مهما كان مصدره، بل أكثر من ذلك قادر على الإنتاج و التأثير على باقي الأمم أي أن يكون فاعلا في صناعة العصر ولما لا قائدا له.
بقلم : محبكم عبد الخالق نتيج